2009/05/02

علمنى الشيخ

أستقليت أحد القطارات وكعادتى جلست وأطلقت عينى لخارج الشباك , اتامل الطريق , وعندما كان يتوقف القطار بأحدى المحطات كنت أنظر ناحية الباب , وكأنى منتظره لشخص أعرفه سيلحق بنفس القطار , وحين ينغلق الباب ثانية أعود لأنظر بالخارج من جديد

كان اليوم شديد الحراره فقد كنا بالصيف الا انه كانت هناك نسمه بارده خفيفه آتيه من الشباك فحين ينطلق القطار تجلس مسترخى بكرسيك تاركاً تلك النسمات تداعبك وتتناسى حر الصيف

وفى أحدى المحطات دخل للقطار شيخ عجوز , يرتدى جلباب أبيض وعلى كتفيه وشاح أبيض , من النظره الأولى تلاحظ النور الملائكى الذى ينبعث من وجهه , ولحيته البيضاء التى تزيد من بهائه , ينشرح صدرك حين تطيل النظر إليه فتجده باسم الوجه , وعندما أغلق الباب وأنطلق القطار من جديد وأستقر فى المسير قررت أن انهض من مكانى وأذهب إليه , واقتربت منه ووضعت يدى بلمسه خفيفه على كتفه من الخلف ليشعر أن هناك أحداً يريد التحدث إليه , فأستدار ورفع بصره عن الأرض وحين نظر تجاهى , اشرت الى كرسى وقلت له تفضل بالجلوس , وبنبره رقيقه وصارمه قال : لا والله , فتعجبت لجوابه , وذادنى تجهم حين أستطرد قائلا : لا والله لا أجلس بمكانك , فنظرت لمن يجلسون حولى وراجعت النظر لمكان جلوسى فلم أجد ما ينفر منه , فعدت أسئله لماذا لا تريد الجلوس ؟ تفضل لتستريح !!

فقال : يا بنيتى انا مستريح , هل تريدى ان أقبل ذنباً على نفسى فى اواخر ايامى وبعمرى هذا ؟

ولم أستطع التخلى عن الأمر وتابعت وما كان يشجعنى دائما هو بسمته التى تقوينى على الأستمرار فى الحديث وقلت : لا والله يا شيخ ولكن ما الذنب الذى تأخذه بجلوسك مكانى , فأنا شابه وأتحمل ان أقف أما انت فلا , فالأبدى ان اقف انا وتجلس أنت , فقال يا بنيتى : لم أرتضى علي نفسى بالأهانه يوما فلماذا تصرين علي أهانتى ؟ وقبل ان اجيب عاد يقول انا رجل يا أبنتى والرجل يتحمل مهما بلغ من العمر , ولو صعدتى أنت وكنت انا جالس لكنت وقفت وأجلستك لأن هذا واجب كل رجل , يا بنيتى الطريق ليس بطويل

فأكتفيت بكلماته وساد صمتى وعدت لأجلس بمكانى وأنا أفكر , الشيخ العجوز يقف والشباب يجلسون , لم يعلمنى الشيخ أنا وحدى بل أعطى درساً لكل ركاب العربه ..

تعجبت أشد العجب وانا أقص روايتى هذه علي أحد الاصدقاء , فقال تلك حكم واهيه , مجرد قصص تكتب لن تغير شيء , المثاليه لم تعد موجوده يا عزيزتى

فلم أجيبه وقلت لنفسى والله تلك لأخلاق وليست المحافظه على الأخلاق بمثاليه والا فكلنا الأن نستطيع ان نصبح فى قمة المثاليه ولكننا حتى لا نحاول أن ندعى اننا عليها .. أنها لمأساه يا صديقى